السبت، 18 يونيو 2011

آن اوان الإنسان

الإنفصال المادي والروحي عن الدين حتمي، خصوصاً هنا في المشرق؛ ما سيبقى هو العادات، والأعراف المتوارثة، لكن حتى هذه فمآلها الإندثار البطيء بعد ان تتم القطيعة مع العقول اللزجة التي تستعمل الشعوب كجسورٍ للعبور الى السلطة والغُنْمِ.

لقد انهك الدين المشرق في كافة المجالات؛ اضحت شعوبها والأرض في دِبرِ الحضارة، لا تعرف منها سوى "الجوال المحمول" و"الحاسوب المحمول" واستيراد المهندسين لبناء الصُرح السخيفة، وتشييد جُزُر في البحر تُكَلِف اموالاً طائلة لا نفع فيها الا في شكلها ومظهرها الجميل— — من السماء! — وماذا عن الأرض؟!

سرطانٌ قد استحكم بالعقول، فلكل شيءٍ مطلوب فتوى تُحَلل او تحرم —في بداية الطفرة النفطية في السعودية ومع الإنتعاش الإقتصادي الذي شهدته تلك المرحلة، بدأ العربان بالتخلي عن النوق واستيراد "الشيفروليه"؛ عملية التخلي وبيع النوق ادت الى شبه انقراض للنوق من الجزيرة! باعوا نوقهم للإتيان بالنوق المتطور على اربعة عجلات. وكان كل اعرابي مغرم بناقته الحديدية وبدأ معها عصر "التفحيط". معها بدأت حوادث السير. مما إضطر الدولة الى اتخاذ قرارات تحد من هذه الظاهرة الجديدة الخطيرة؛ اجتمعوا الى "علماء الدين" وتبين لهم ان ضبط المخالفة حرام! فما العمل؟

جهِدَّ المشعوذون لإستنباط الحلول من "الأحاديث المقدسة" وتمكنوا بعد جهدٍ جهيد من ايجاد مخرجٍ، الا وهو بأن على الشرطة ان تتزود بقضبانٍ حديديةٍ، ومتى تمكنت من رؤية مخالفةً للسيرِ، تلاحق المعتدي، متى وصل الشرطي الى السيارةِ المخالفة، مسك قضيبهُ الحديدي الشرعي والحَلال وضربَ السيارة لبعجها! كما تُضرَب النوقُ اذا ما عاندت!
وهكذا ما كانت تمر ستة اشهر على شراء ابن الأعرابي لناقته الحديدية، حتى تعود الى ساحات الخردة في امريكا —من شدة الضرب بالقضبان!
مثل هذه القصص تُعبّر عن مدى حاجتنا اكثر من اي وقتٍ مضى الى التخلي ونهائياً عن الأطلال البائدة.
الدين غير قادر على مجاراة هذا العصر؛ العصر الذي باتت تحكمه منظومات التواصل الإجتماعي، ومتى تأصلت هذه المنظومات من منتديات ومجموعات وشبكات اجتماعية، تدريجياً سوف يتقدم نحو الفردية (
Individualization)؛ وقد بدأت بوادر هذا التطور عبر (iGoogle – MyYahoo!) وباقي الشبكات التي تحاول ان تعطي لكل انسانٍ عالمه الخاص الذي يختاره بنفسه ويحدده بنفسه ولا يُفرَض عليه فرضاً ولا يتوارثه عن اباءه واجداده —

الدين والله ادوا مهمتهم، آن اوان الإنسان...

0 التعليقات:

إرسال تعليق