الثلاثاء، 14 يونيو 2011

تحريم الفكر

يقول احد شُطَّاب الفكر —الشاطبي— ما يلي:
"لكراهية السؤال مواضع نذكر منها عشرة مواضع :

أحدها :
السؤال عما لا ينفع في الدين ، كسؤال عبد الله بن حذافة " من أبي ؟ " ..

و ثانيها :
أن يسأل بعدما بلغ من العلم حاجته ؛ كما سأل الرجل عن الحج " أكل عام ؟؟ " مع أن قوله تعالى " و لله على الناس حج البيت " قاض بظاهره أنه للأبد لإطلاقه ، و مثله سؤال بني إسرائيل بعد قوله " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة "

و ثالثها :
السؤال من غير احتياج إليه في الوقت ، و كأن هذا – و الله أعلم – خاص بما لم ينزل فيه حكم ، و عليه يدل قوله " ذروني ما تركتكم " ، و قوله " و سكت عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها "

و رابعها : أن يسأل عن صعاب المسائل و شرارها كما جاء في النهي عن الأغلوطات .
و خامسها :
أن يسأل عن علة الحكم و هو من قبيل التعبدات أو السائل ممن لا يليق به هذا السؤال كما في حديث قضاء الصوم دون الصلاة .

و سادسها :
أن يبلغ بالسؤال إلى حد التكلف و التعمق ، و على ذلك يدل قوله تعالى " قل ما أسألكم عليه من أجر و ما أنا من المتكلفين "...

و سابعها :
أن يظهر من السؤال معارضة الكتاب و السنة بالرأي ..

و ثامنها :
السؤال عن المتشابهات و على ذلك يدل قوله تعالى " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه " .

و تاسعها :
السؤال عما شجر بين السلف الصالح ..

و عاشرها :
سؤال التعنت و الإفحام و طلب الغلبة في الخصام
)) " الموافقات : 4\ 265 فما بعدها"


نلتمس مما تقدم اعلاه أن منهج الشاطبي وغيره من الأصوليين هو النهي عن الفكر؛ فإذا كنت مثلاً لا تعرف من هو والدك، فلا يحق لك السؤال عن اصلك، فأنت لا تفيد الدين بشيء.
والإستفسار مكروه، فإكتفي بما عَلِمت به —أي ما سُمِحَ لك بعلمه— فلا حاجة لك بمزيد من العلم طالما تقوم بواجبتك البهيمية.
كره الإستفسار عن العالم الذي تعيشه، وعن نفسك، والكون، والمجرات، والقوانين الفيزيائية، والرياضيات، والبيولوجيا، والفلك، والفلسفة، فكل تلك لا تحتاج لها، فماذا يحتاج فرد الأنعام، غير ان يأكل، ينام ويجامع؟
والسؤال الذي يتطلب تفكيراً عميقاً ومطولاً، مكروه ومحرم، فلماذا التعمق، ما دام الفرد يأكل ويشرب ويجامع؟
والمعارضة للأراء مرفوضة بالمطلق، فلا معارضة لما قُدِم؛ أو كما يقول الغنوشي: "أمام النصوص، نقول سَمِعنا وأطعنا".
ونهاية لا يجوز التساؤل عن ما شجر بين من غَبَر؛ فالتمحص التاريخي بأصل المصيبة مرفوض، ومحرم علينا "نشر غسيل ’الصالحين’"؛ فهؤلاء معصومون لا يخطئون، واي تمحيص وتدقيق بما اختزنه تاريخ هذه الأمة، هو بمثابة طعن في الأصول...


لكن من "طعن" في الأصول وشرحها وعراها عن سوءتها، بانت لها فظاظة الفروع، وهشاشة العقول، ومقز النفوس؛ منطقتنا تعيش امام مفترق طرق خطير، وهؤلاء من مدمري العقول، ومغتصبي النفوس، قد نهلوا من النفوس النفائس واوثقوا العِقالُ بالعقول!


امام معادلة الفكر ≡ كفر، بات مطلوباً طرح معادلة مقابلة، من: امَنَ ≡ نامَ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق