الثلاثاء، 14 يونيو 2011

في الألم والمعاناة


لن اطيل —لا احب ان اطيل؛ احاول ان لا اطيل—؛ الجواب هو في نظرتك الذاتية للأشياء "الموضوعية"... ما اقصده هو ان الألم الذي تتكلمين عنه نسبي؛ قد تتألمين "انت" لرؤية طفل يبكي، اما الأخرون —أنا على سبيل المثال— يمضون في طريقهم دون اكتراث.



إعلمي ان الركن الأساسي للحياة انها عذاب وتعب وكفاح —انصحك بقراءة "كانديد" لـ"فولتير"، فهي تتعلق بالموضوع المطروح—، تباعاً فإن العذاب إيجابي (موجِّب) —إيجابي ليس بمعنى انه شيء جيد -رغم أنه هكذا في الصورة الكبيرة- لكن بمعنى انه دائماً فائضاً وموجوداً بقوة في كل اشكال الحياة— وبالتالي فالسعادة والراحة سالبة، اي انها تسلب من المعاناة والألم، لتضفي راحة وشعور بالسكينة —ولهذا السبب السعادة مُخَدِرة، فهي تخدير مؤقت للحواس عن الشعور بالألم والمعاناة؛ لذاك، البشر مدمنون على شعور السعادة، فهو بمثابة نافذة تدخل شعاع نور في غرفة ظلماء —الغرفة الظلماء هي حياة الفرد الواعي...
السعادة هي مجرد الم ناقص...


ولا عجب بأن معظم الفلسفات جعلت الوصول الى السعادة والحرية والراحة هدفاً سامياً، من


اليونان مروراً ببغداد والأندلس ولا انتهاء بـفيمار وباريس. كل هذا تخفيفاً من وطئة الألم وهول المعاناة وصمت الغربة. بالمحصلة، المعاناة والكفاح هي الثابت الأساسي والموجِّب، وكل شيء اخر هو مجرد وهم خدَّاع سالب؛ لن يتوقف عن الشعور بالمعاناة الا الطفل —عقلٌ ووعيٌ ناقص— او المجنون والأحمق—عقلٌ مصاب، غير سوي—... حتى المتصوفين مهما علوا في خلوات انفسهم وارتقوا الى "روح العالم"، لكن متى هبطوا، سيشعرون بألم مضاعف، ذلك لأنهم تجرعوا كأساً كبيرة من "اكسير السعادة"، وبالتالي السالب الكبير سيرتد بسرعة عليهم وسينكمشون في عزلتهم، بحثاً عن الجرعة الثانية الأكبر؛ أي كلما زادت سعادتهم كلما زاد الَمَهُم والمعاناة...


الإنسان اصغر من حبة رمل على حبة رمل ... على حبة رمل في هذا الكون ، وكل صرخة معاناة يطلقها لا تعدو كونها ضجيج عابر لا تلتقطه ادق الراصدات في الكون؛ سوف تنتهي البشرية ولن يعلم احد بأننا كنا!


سوف يأتي يوم وتقولين: "ماذا!؟ انا في السابعة والعشرون!"، ولن تعلمي ما اذا تؤكدين


على شبابك او على شيبك! لكن ستعلمين وتتعلمين عن العدو الذي ستقارعيه لبقية العمر: "الغد"؛ الغد المليء بالألم وبالتناقص الممنهج والتدريجي لكل شيء... اعتقد ان مجرد فكرة الأمل هو تملص من المسؤولية؛ لقد خدعني الدين لسبعة وعشرون حولاً وجعلني اتأمل "بمكافأة"، "فيما بعد"، وظننت اني استحقها... وكأن الأقدار والكون والأرض والسماء، كلها مديونة لي، بأن تكافئني... "فيما بعد" عن الألام التي اتجرعها مع كل لحظة وعي! لقد كانت خدعة مُحكَمة، اعترف للأديان بذلك... لكنها ليست سوى خدعة.


لكن، هنا في خضم كل هذه المعاناة، تقع مهمة الإنسان على نفسه، ان يصنع شيئاً في اللاشيء؛ الحياة معاناة ولطالما كانت وستبقى، هنا مسؤوليتك ان تجعلي من اللاشيء شيء خلال هذه الرحلة القصيرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق